وجوب رحمة الخلق وفضلها
تعتبر الرحمة من المبادئ الأساسية في الإسلام ومن لوازمها العطف والمواساة والمشاركة الوجدانية وميل القلب لمساعدة الآخرين كقضاء دين عن معسر أو إنظاره أو مساعدة محتاج أو معونة شيخ كبير أو إرشاد ضال أو نحو ذلك: والرحمة واجبة وضدها القسوة والغلظة.
ومن الرحمة الخاصة العطف على الأيتام والأرامل والمساكين والقيام عليهم وهذا بمثابة الجهاد في سبيل الله.
ومن الرحمة الخاصة أيضاً توقير الكبير كالأب والعالم ونحوهما والعطف على الصغير وجزاء ذلك كله عند الله عظيم حيث يقول
«الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي.
قال القرطبي: «أتى بصيغة العموم ليشمل جميع أصناف الخلق فيرحم البر والفاجر والناطق والبهيم والوحوش والطير»انتهى وفي هذا وردت أحاديث منها ما رواه جرير بن عبد الله في صحيح مسلم :
«من لا يرحم الناس لا يرحمه الله تعالى»
وحديث أبي هريرة في الصحيحين «جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً وأنزل في الأرض جزءاً وحداً فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه» ومعظم التشريعات التي تقوم على التعاون والتحابب والتآخي مصدرها هذه القاعدة العظيمة وأعظم الرحمة وأعلاها ما كان من الله وهي تطلب بدوام الإحسان والاستغفار
لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
[سورة النمل: 46].
ولعظم الرحمة وبيان أهميتها وصف الله بها نفسه مرة باسم الرحمن ومرة باسم الرحيم فهو رحمن الدنيا رحمة تعم المؤمن والكافر ورحيم الآخرة حيث تخص رحمته المؤمنين وحدهم
وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
[سورة الأحزاب 43]
وقال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ
[سورة النساء 175]
ورحمة الله قريب من المحسنين الذين يحسنون في أهليهم ومع الناس كافة ومع كل ذي روح
إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
[سورة الأعراف 56]
والرحمة تكون للأصغر والأضعف أما رحمة الكبير فهي معرفة حقه من الإكرام والمواساة لحديث عبدالله بن عمرو في سنن أبي داود ومسلم
«من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا فليس منا»
وما ورد في الصحاح «كبر كبَّر»أي يتكلم أكبركم وفي حديث الإمامة «وليؤمكم أكبركم»ورحمة الصغير بأن يعطف عليه ويرق له.
ويتأكد ذلك أيضاً بالنسبة للوالدين
لقوله تعالى : وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
[سورة الإسراء 24]
كما يتأكد لذي الشيبة المسلم والعاجز الذي يحتاج لمعونة والطفل الذي يطلب مساعدة وهلم جرا .